الخصية المعلقة

الخصية المعلقة

يشير مصطلح “الخصية المعلقة” إلى غياب أحد الخصيتين أو كليهما عن الكيس الخارجي لهما. تعتبر الخصية المعلقة هي العيب الخلقي المتعلق بالوظائف التناسلية الأكثر انتشاراً في حديثي الميلاد من الذكور.

حوالي 3% من الأطفال مولودين في موعدهم الطبيعي، ونسبة %30 من الأطفال المبتسرين، يعانون من وجود خصية واحدة على الأقل في غير مكانها الطبيعي بالكيس الخارجي. بالرغم من ذلك، ففي 80 % من هذه الحالات تتحرك الخصية ناحية الكيس الخارجي في السنة الأولى من العمر. قد يحدث أن يصاب الطفل بهذا المرض في مراحل متأخرة من الطفولة، أو بدايات مرحلة المراهقة، ولكن هذه ليست القاعدة بالطبع.

اثناء تكوين الجنين، تتكون الخصيتين في المنطقة الخلفية من التجويف البطني، وتبدأ في رحلتها إلى الأسفل عن طريق قناة تعرف باسم القناة الإربية، ومنها إلى الكيس الخارجي للخصيتين في موقعهما النهائي.

عند حدوث أي اضطراب في هذه العملية، يتسبب ذلك تعليق الخصية في مكان آخر غير الكيس الخاص بها.

قد تكون الخصية في بعض الأحيان ناقصة التكوين، أو بها عيوب خلقية كثيرة. وفي حالات نادرة، قد تكون الخصية غير موجودة بالمرة، لم تتكون بالأساس.

في حالة وجود عيوب خلقية، فإن ثلثين الحالات تكون هذه العيوب في خصية واحدة، في الثلث الباقي تشمل العيوب الخلقية كلاً من الخصيتين. في 90 % من الحالات يمكن تحديد مكان الخصية بالفحص البدني على طول مسار نزول الخصية، في حالات قليلة لا يمكننا الفحص من تحديد المكان بدقة. في هذه الحالة، يلزم اتخاذ اللازم من الإجراءات لتحديد مكان الخصية.

الأسباب:

في حالة الأطفال كاملي النمو أثناء فترة الحمل، فلا يوجد سبب واضح لهذه الحالة. تحدث الخصية المعلقة لدى بعض الذكور من المواليد بشكل عشوائي، منتشر، وبدون تفسير واضح. يعتقد أن هناك العديد من العوامل التي تؤدي إلى هذه الحالة كالعوامل الجينية، البيئية، وصحة الأم أثناء الحمل. يمكن أن تؤدي هذه العوامل إلى تغيرات في مستوى الهرمونات وبالتبعية تغير في شكل، مكان، أو وظيفة الخصية.

في حالة الأطفال المبتسرين، فإن نقصان وزن الطفل عند الميلاد )أقل من 2500 جم( يعتبر من الأسباب المباشرة لهذه الحالة.

تحدث هذه الحالة بمعدلات أعلى في حال تعرض أحد الوالدين أو كليهما لبعض السموم كالكحوليات أو المبيدات الحشرية، التدخين أيضاً يعتبر من عوامل الخطر المباشرة.

وجود تاريخ مرضي لحالة مشابهة في العائلة. يزيد هذا من فرص الحدوث لدى المولود القادم.

تزداد فرص حدوث الخصية المعلقة في حالة وجود أي عيوب خلقية مصاحبة. بعض المتلازمات التي تشمل عدداً كبيراً من العيوب الخلقية قد يصاحبها حدوث الخصية المعلقة. أشهرها متلازمة )داون( علي سبيل المثال.

استخدام وسائل تقنية مساعدة للتخصيب والإنجاب، قد تساعد هذه التقنيات على صعوبات الحمل وتأخر الإنجاب ، إلا أنه طبقاً لدراسة أجريت سنة 2008 ، فإن احتمالات حدوث الخصية المعلقة تزداد في هذا النوع من الحمل.

مؤخراً، بدأ البعض يطرح فكرة تتعلق “بالتوقيت المتاح لنزول الخصية”. تقترح هذه النظرية أن نزول الخصية يحدث غالباً في الفترة من الأسبوع ال 8 إلى ال 14 . فحدوث أي اضطرابات في مستوى هرمونات الذكورة “تستوستيرون” في هذه الفترة فقط قد يؤدي إلى عدم نزول الخصية إلى مكانها الطبيعي

الأعراض والمضاعفات الطبية المحتملة:

تأخر الإنجاب والعقم:

تقل معدلات الخصوبة في حالات الخصية المعلقة. حتى بعد الإصلاح الجراحي لهذه الحالة في الصغر، لا ترجع احتمالات الإنجاب إلى المستوى الطبيعي.

في حالة وجود خصية واحدة معلقة، فإن التأثير على معدلات الخصوبة )بعد التدخل الجراحي بالطبع( لا يكاد يذكر. أما في حالة الخصيتين معاً، فإن نسبة العقم قد تصل إلى 38 %، أو 6 مرات أعلى من الطبيعي.

ينصح دائما بالتدخل الجراحي وإعادة الخصية أو الاثنيتين إلى مكانهما الطبيعي. يرجع هذا لتفادي الضرر الذي يصيب الخصيتين بعد   مرورر أكثر من سنة. فالخلايا المفرزة للحيوانات المنوية  تبدأ في الضمور ويتناقص عددها بشكل ملحوظ.

الأورام السرطانية:

من أهم الأسباب التي تدعو إلى التدخل الجراحي في أقرب فرصة ممكنة هو احتمالية تطور الأورام السرطانية بالخصية المعلقة. تقريبا رجل من كل 500 رجل مولودين بهذه الحالة )سواء بخصية واحدة أو في الاثنتين( سيصاب بسرطان في الخصية. تزداد الخطورة في  هذه الحالات عن غيرهم بحوالي 4 – 40 مرة.

تحدث هذه الأورام غالباً في العقد الثالث أو الرابع من العمر.

النوع الأشهر من هذه الأورام السرطانية هو سرطان الخلايا المفرزة للحيوانات المنوية. هذا النوع يمكن علاجه والسيطرة عليه إذا ما تم اكتشافه مبكراً. لذا، يجب على أي رجل تعرض لهذه الحالة )وتم إجراء الجراحة التصحيحية اللازمة له( أن يكون على دراية بطريقة فحص الخصية، حتى يتمكن من تحديد أي نمو غير طبيعي بها لضمان الاكتشاف المبكر.

يفضل إجراء هذه الجراحات وإعادة الخصية لمكانها قبل سن البلوغ. طبقاً ل )نيو إنجلاند ميديكال جورنال( فإن احتمالية الإصابة بأي أورام سرطانية تقل بشدة إذا ما أجريت الجراحة قبل سن البلوغ وليس بعده.

زيادة احتمالات حدوث كلاً من الفتق الإربي، والتواء الأوعية الدموية المغذية للخصية )حالة شديدة الخطورة وتلزم تدخل طبي عاجل(.

التأثير على وظيفة الخصية:

تعتبر الحرارة من أهم العوامل المسئولة عن الضرر اللاحق بالخصيتين. درجة الحرارة بالتجويف البطني أو داخل الجسم تكون أعلى منها بعدة درجات في الكيس الخارجي الخاص بالخصيتين. تؤثر هذه الحرارة على الخلايا المفرزة والمغذية للحيوانات المنوية مما يتسبب في العقم وتأخر الإنجاب. تقترح بعض الدراسات أن هذا يعتبر تبسيطا مخلاً لسبب العقم في حالات الخصية المعلقة وأن العديد من العوامل تساهم في هذه المضاعقات. بالرغم من ذلك تظل الحرارة المرتفعة ذات تأثير مباشر وسيئ على وظيفة الخصيتين .

من العوامل الأخرى ذات التأثير السيئ على الوظيفة التناسلية للخصيتين، هو الاحتمالية المرتفعة لحدوث عيوب خلقية في الأنابيب والأوعية الموصلة بين الخصية وبقية الجهاز التناسلي لذى الذكور. يزيد هذا من احتمالات العقم وتأخر الإنجاب.

كيف يتم التشخيص؟

أشعة الموجات التليفزيونية هي الاختيار الأول. فقط مشكلة واحدة تقف في طريق التشحيص الدقيق لهذه الحالة. ففي بعض الذكور لا تحتفظ الخصية بمكان ثابت، ويمكن أن تتراجع إلى أعلى الكيس الخارجي الخاص بها. يجب التمييز بين هذه الحالات التي تعود فيها الخصية تلقائياً إلى مكانها الطبيعي، وبين حالات الخصية المعلقة الحقيقية التي تستوجب التدخل الجراحي لإعادة الخصية للمكان الطبيعي.

يمكن إجراء خريطة للكروموسومات للتأكد من عدم وجود أي اضطرابات في وظيفة الخصية أو الخلايا المكونة لها كما يحدث في بعض المتلازمات.

العلاج :

العلاج المبدأي هو المراقبة اليقظة. في معظم الأحيان تعود الخصية إلى مكانها الطبيعي تلقائياً.

في حالة عدم نزول الخصية في فترة 4 – 6 شهور، يجب البدء في اعتبار التدخل الجراحي. لا ينصح بتأخير التدخل الطبي لأكثر من سنة نظراً للضرر الدائم الذي قد تتعرض له خلايا الخصية.

جميع الحقوق محفوظة لعيادات دكتور وائل البنا

error: المحتوى غير قابل للنسخ !!