الجلطات الدموية بالأوردة: ما هي، وكيف نتجنبها
ما المقصود بالجلطات الوريدية؟
الجلطة هي تجمع للصفائح الدموية. يمكن أن تحدث بشكل غير طبيعي بداخل أحد الأوعية الدموية، إما الشريان أو الوريد. ما نهتم بمناقشته هنا هو تكوين الجلطات الدموية بالأوردة، خاصة أوردة الساقين والحوض.
ما مدى انتشار الجلطات الوريدية بين السيدات الحوامل؟
يزيد الحمل من احتمالية تكوين الجلطات، لتصل معدلات الإصابة أكبر قيمة لها في الفترة التالية مباشرة للولادة. بالرغم من ذلك يمكن اعتبار هذا المرض غير واسع الانتشار، حيث يؤثر على حوالي 1 – 2 من كل 1000 سيدة.
يمكن الإصابة بالجلطات في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل. لذلك يلزم الانتظام بمواعيد المتابعة والكشف الروتيني أثناء فترة الحمل.
ما مدى خطورة الإصابة بجلطات وريدية؟
تكمن الخطورة الأساسية لتكون الجلطات بالأوردة في تكسير أي منها، وانتقال الأجزاء الناتجة إلى باقي أوردة وشرايين الجسم، مسببةً ضرراً بالغاً للأعضاء المختلفة للجسم. حيث تعتبر الرئتين هي المكان الأكثر عرضة لهذا الانسداد، في ظاهرة مرضية تعرف باسم “الانسداد الرئوي – Pulmonary Embolism (PE)”. بالرغم من خطورة الأمر، ومدى تأثيره الضار على صحة الأم، وأحياناً على حياتها، لا يعتبر الانسداد الرئوي من المضاعفات الشائعة أثناء الحمل، أو حتى بعد الولادة.
تشمل أعراض الانسداد الرئوي– Pulmonary Embolism (PE) ما يلي: –
– صعوبة مفاجئة في التنفس، دون وجود أي سبب طبي لذلك.
– ضيق بالتنفس وآلام بالصدر.
– سعال مخلوط بالدم.
– التعب الشديد، أو الإغماء.
ما العوامل التي تزيد من نسبة تكوين الجلطات بالجسم، إما الجلطات الوريدية أو الانسداد الرئوي؟
قد تزداد نسبة الإصابة بالجلطات الوريدية في الحالات الآتية: قبل الحمل:
– زيادة سن الأم عن 35 عاماً.
– ولادة ثلاثة أطفال أو أكثر.
– التعرض لجلطة وريدية بالسابق.
– وجود تاريخ مرضي بالعائلة؛ كإصابة الأب، الأم، أحد الإخوة أو الأخوات بالجلطات الدموية .
– الإصابة باضطرابات تجلط الدم – Thrombophilia. وهي مجموعة من الأمراض الوراثية التي تزيد من احتمالية التجلط لدى صاحبتها.
– وجود أي حالة مرضية مزمنة، كأمراض القلب، التهاب المفاصل، أو أمراض الرئتين.
– الإصابة بدرجة شديدة من الدوالي، خاصة إذا امتد الأمر ليشمل الأوردة بأعلى الركبتين، أو وجود تورم واحمرار بالمناطق المصابة .
– عدم القدرة على الحركة، واستخدام المقعد المتحرك.
العادات الشخصية ونمط الحياة:
– يزيد كل من السمنة، والتدخين من احتمالية الإصابة بالجلطات الوريدية.
أثناء الحمل:
– وجود أي سبب مرضي استدعى البقاء بالمستشفى.
– حمل التوائم.
– إصابة الأم بالجفاف، أو أية حالة صحية تحد من الحركة اليومية المعتادة كغثيان الصباح أو غيره. كما تزداد احتمالية الإصابة بالجلطات في الحالات الصحية ذات التأثير الشديد على الأم كالتهاب الزائدة، أو حصوات الكلي.
– الركود عدم الحركة لفترات طويلة، مثل البقاء بالمستشفى، أو السفر لمدد زمنية طويلة “أكثر من 4 ساعات”.
– الإصابة بتسمم الحمل.
بعد الولادة:
– الولادات المتعسرة والطويلة “التي تستغرق أكثر من 24 ساعة”، أو الولادة عن طريق الفتح القيصري. قد يساهم النزيف الشديد بعد الولادة، أو نقل الدم في زيادة نسبة الإصابة بالجلطات الدموية.
كيف يمكن الحد من نسبة الإصابة بالجلطات الدموية؟
معظم عوامل الخطر السابق ذكرها يمكن تجنبها أثناء فترة الحمل أو بعد الولادة. في بداية فترة الحمل، سنجرى تقييماً كاملاً لحالتك الصحية وتاريخك المرضي للوصول لاحتمالية إصابتك بأية جلطات. وجود بعض عوامل الخطر في حد ذاتها قد يستدعي البدء في أحد الأدوية المانعة للجلطات، مثل الإصابة بجلطة وريدية في السابق. بينما لا سيتدعي الأمر البدء في أية علاجات في حالة وجود بعض عوامل الخطر الأخرى.
متى يتم تقييم حالتي الصحية، واحتمالية التعرض لأية جلطات؟
قبل بداية فترة الحمل: ينصح بالرجوع لنا أثناء التخطيط للحمل، خاصة في حالة وجود تاريخ مرضي من الإصابة بالجلطات سابقاً. قي يتطلب الأمر تبديل عقار “وارفارين – يباع تجارياً باسم (ماريفان)” بعقار “الهيبارين” في صورة حقن. يرجع ذلك للأثر الضار الذي يسببه “الوارفارين” على صحة الجنين المتكون.
أثناء وبعد الحمل: عادة ما يتم التقييم في المواعيد الأولى لزيارات متابعة الحمل، وعند الأسبوع الثامن والعشرين منه كذلك. قد يتطلب الأمر تقييماً إضافياً في حالة تغيير أي ظروف صحية خاصة بالأم، أو احتاجت الأم الأم البقاء بالمستشفى لبعض الوقت. يتم إجراء تقييم نهائي بعد الولادة كذلك.
هل يمكن تغيير نسبة الإصابة بالجلطات لدى الأم؟ نعم. يمكن أن تتغير نسبة الإصابة إما بالزيادة أو النقصان. قد تزداد نسبة الإصابة في حالة اكتساب الأم لأي من العوامل السابق ذكرها، مثل السفر لمسافات طويلة، أو الإصابة بأية عدوى أو الإعياء الشديد. كما أن التخلص من بعض هذه العوامل قد يحد من نسبة الخطر، كالإقلاع عن التدخين مثلاً. يمكن التوقف عن العلاج كذلك في هذه الحالة.
كيف يمكن الحد من نسبة الإصابة بالجلطات الدموية بالأوردة؟
يمكن الحد من نسبة الإصابة بالجلطات الوريدية، أو الانسداد الرئوي على حد سواء عن طريق الآتي:
– البقاء في حالة جسدية نشيطة بقدر المستطاع، وتفادي الركود وعدم الحركة لمدة زمنية طويلة.
– ارتداء جوارب ضاغطة للساقين لمنع تكون أي جلطات.
– الحفاظ على تناول كميات وفيرة وكافية من السوائل وتجنب الإصابة بالجفاف.
– الإقلاع عن التدخين.
– إنقاص الوزن قبل بداية فترة الحمل في حالات السمنة. قد يتطلب الأمر العلاج بحقن “الهيبارين”. يعتبر هذا العقار من الأدوية المانعة للتجلط. يوجد العديد من الأنواع لهذا العقار، وأكثرهم استخداما هو “الهيبارين ذو الوزن الجزيئي المنخفض”، ويباع تجارياً باسم “كليكسان”. يستخدم “الهيبارين” في كلاً من الوقاية والعلاج من الجلطات الوريدية، مع اختلاف الجرعة بالطبع. حيث يتطلب العلاج جرعة أكبر منه.
هل يحمل عقار “الهيبارين” أية خطورة على صحة الجنين؟
لا يعبر “الهيبارين”، وخاصة المركبات ذات الوزن الجزيئي المنخفض منه إلى الطفل من خلال المشيمة. لذلك تعتبر آمنة أثناء الحمل.
قد يسبب الحقن المتكرر بعض الكدمات في موضع الحقن. يختفي هذا الأثر عادة بعد بضعة أيام. قد تتعرض 1 – 2 من كل 100 سيدة إلى رد فعل “حساسية” ضد الحقن. في حالة ملاحظة أي طفح جلدي مكان الحقن يجب استبدال العقار المستحدم بنوعية مختلفة.
ما المدة المطلوبة للعلاج “بالهيبارين”؟
يعتمد ذلك بالأساس على عوامل الخطر السابق ذكرها، حيث تختلف مدة العلاج المطلوبة تبعاً للظروف الفردية لكل حالة. يفضل البدء في العلاج بعقار “الهيبارين” في أقرب فرصة ممكنة عن اكتشاف الحمل. لذلك يلزم التواصل معنا بشكل عاجل.
في بعض الحالات، مثل السفر لمسافات طويلة، قد يكفي العلاج لعدة أيام. في حالات أخرى، قد يوصف العلاج لمدة أسبوع بعد الولادة. في الحالات الشديدة ذات الخطورة العالية، قد يستمر العالج “بالهيبارين” طوال مدة الحمل، وحتى مرور 6 أسابيع بعد الولادة .
ما العمل عند بدء الولادة؟
في حالة بدء الولادة أثناء العلاج بالهيبارين، يجب التوقف عنها بشكل فوري، والاتصال بنا لمعرفة المزيد من التعليمات الواجب اتباعها.
يمنع العلاج “بالهيبارين” استخدام حقن الظهر المسكنة – Epidural injection. لا يفضل استخدام أي منها لتسكين الألم أثناء الولادة إلا بعد مرور 12 ساعة على آخر جرعة من “الهيبارين”، أو 24 ساعة في حالة العلاج بجرعات عالية منه. سنقتىرح وسائل أخرى لتسكين الألم في هذه الحالة.
في حالة التخيطيط لبدء الولادة، وتحفيزها بشكل طبي، يجب التوقف عن حقن “الهيبارين” قبل 12 ساعة من الموعد المحدد لذلك.
ما العمل في حالة الولادة القيصرية؟
في حالة وجود الحاجة لولادة قيصرية عاجلة، أثناء 12 ساعة من آخر جرعة “هيبارين”، أو 24 ساعة في حالة تعاطي الجرعات العالية منه، لن نعتمد على حقن الظهر المسكنة، ويتم اللجوء للتخدير الكلي في هذه الحالة. كما أسلفنا، في حالة التخطيط لولادة قيصرية، يجب التوقف عن حقن “الهيبارين” قبل الموعد المحدد بحوالي 12 ساعة، أو 24 في حالة وصف الجرعات العالية منه. سيتم استئناف العلاج بالهيبارين بعد مرور أربع ساعات من الولادة.
ما الإجراءات المتبعة بعد الولادة؟
من الهام أن تبدأ الأم بالحركة في أقرب فرصة ممكنة بعد الولادة. كما أشرنا، سيتم إجراء تقييم لحالة الأم الصحية بعد الولادة، وتحديد عوامل الخطر التي تتسبب في الإصابة بأية جلطات دموية. قد يستمر العالج بعقار “الهيبارين” لمدة 7 إلى 10 أيام أخرى بعد الولادة طبقاً لحالتك الصحية وعوامل الخطر الموجودة لديكِ.
في حالة العلاج “بالهيبارين”قبل الحمل، قد يستمر العلاج لستة أسابيع بعد الولادة. أما في حالة العلاج بعقار”وارفارين”، فيمكن العودة وبدء العالج به بدلاً من “الهبارين”، غالباً بعد ثلاثة أيام من الولادة.
– مرات الحمل القادمة.
سنناقش احتمالية اللجوء لعقار “الهيبارين” مرة أخرى أثناء الحمل القادم، كيفية الحد من عوامل الخطر لدى الأم مثل الإقلاع عن التدخين وغيرها.
– وسيلة منع الحمل المناسبة.
قد ينصح بتجنب وسائل منع الحمل التي تحتوي على هرمون “الإستروجين”، مثل أقراص منع الحمل المركبة.
حيث يمكن لهرمون “الإستروجين” أن يزيد من نسبة الإصابة بالجلطات الدموية.
ماذا عن الرضاعة الطبيعية؟
يمكن البدء بالرضاعة الطبيعية بشكل طبيعي تماماً. لا يتعارض كل من “الهيبارين” و”الوارفارين” مع الرضاعة.