يعتقد الجميع أن تجربة الإنجاب هي واحدة من أمتع الأوقات في حياة الأم. بالرغم من ذلك، تعاني الكثير من الأمهات من التوتر والاكتئاب أثناء فترة الحمل، وفي السنين الأولى من عمر الطفل. قد يصل معدل الإصابة بهذه الاضطرابات النفسية إلى واحدة، من كل خمس سيدات .
عادة ما يصاحب الاكتئاب بعض الأعراض، أهمها فقدان الرغبة في ممارسة الأنشطة اليومية، وتتراوح حدة الأعراض بين الطفيفة، المتوسطة، والشديدة في بعض الحالات. قد تتسبب الدرجات الشديدة من المرض في الأفكار الانتحارية.
النساء أكثر عرضة للاكتئاب، خاصة أثناء فترة الحمل، وفي السنين الأولى التالية لذلك.
يجب التفرقة بين الاكتئاب، كاضطراب نفسي، وبين التوتر، القلق، أو سوء الحالة المزاجية الذي يمكن أن يتعرض له أي شخص. حيث يتميز الاكتئاب بزيادة حدة الأعراض، واستمرارها لأكثر من أسبوعين على الأقل.
تزداد احتماليةالإصابة بالاكتئاب أثناء الحمل وما بعد ذلك، في الحالات الآتية:
• الإصابة بالإكتئاب في وقت سابق.
• إصابة أحد الأقارب بالاكتئاب “وجود تاريخ مرضي بالعائلة”.
• عدم حصول الأم على الدعم والمساعدة
• وجود مصدر رئيسي للتوتر بحياة الأم.
• تعاطي الكحوليات أو المواد المخدرة.
• العلاقة السيئة بين المرأة الحامل، ووالدتها.
• التعرض للعنف، والتجارب السيئة أثناء الطفولة “الاعتداءات البدنية، أو الجنسية”.
• التعرض للعنف الأسري من قبل الزوج.
قد تتسبب بعض الحالات المرضية الأخرى في الإصابة بالاكتئاب، مثل فقر الدم، وقصور وظيفة الغدة الدرقية. لذلك يتم الفحص الطبي بشكل كامل، والخضوع لكافة الاختبارات والتحاليل كجزء من محاولة الوصول لتشخيص سليم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما هي الأعراض والعلامات الطبية للاكتئاب ؟
تشمل هذه الأعراض ما يلي:
• فقدان الرغبة في القيام بأية أنشطة، وعدم الاستمتاع بأي منها.
• الإحساس بالحزن واليأس.
• صعوبات في التركيز، أو الاهتمام بالشئون الشخصية.
• فقدان الدافع لفعل أي شيئ، والإحساس بعدم القدرة على المواكبة.
• الخمول، وقلة الطاقة والنشاط البدني.
• تغيرات الشهية، إما بالزيادة أو الفقدان.
• متاعب بالنوم، أو النوم لساعات أطول، وفقدان الرغبة الجنسية.
يلزم التنبيه أن المتاعب بالنوم، تغيرات الشهية، قلة النشاط البدني، وفقدان الرغبة الجنسية، قد تكون من الأعراض الطبيعية للفترات المتأخرة من الحمل، والرضاعة الطبيعية.
في الدرجات الشديدة من الاكتئاب، يمكن أن يصاحب بأفكار مرضية عن الرغبة في الموت، أو الرغبة في إيذاء الطفل. عادة ما تعاني الأمهات في هذه الحالة من التوتر والقلق المستمر، وبعض المخاوف الغير منطقية.
في نسبة قليلة من الحالات، قد يصل الأمر إلى الإصابة ببعض الهلاوس السمعية، اختلال بطريقة التفكير المنطقية، أو الإحساس بالتوتر بدرجة شديدة. يتطلب الأمر تدخلاً طبياً عاجلاً في هذه الحالات.
ما هو التوتر المرضي ؟
بينما يتعرض الجميع للتوتر في فترات مختلفة من العمر، يعاني البعض من التوتر بشكل مرضي مستمر. يمكن للتوتر المرضي أن يؤثر على طريقة التفكير، الإحساس، أو التصرفات. على سبيل المثال يمكن للأم المصابة بالتوتر المرضي أن تستمر بالتفكير بنمو وصحة الطفل، ما يصيبها بدرجات من القلق، ويدفعها للتأكد من أن كل شيئ على ما يرام.
هناك العديد من الاضطرابات النفسية التي تقع في هذا التصنيف. أهمها التوتر المرضي، الوسواس القهري، ونوبات الهلع. وقد تتعرض الأمهات لأي من هذه الاضطرابات أثناء الحمل أو بعد الولادة. في حالة وجود تاريخ مرضي لإصابة سابقة بهذه الاضطرابات، تزداد نسبة الإصابة به أثناء الحمل، أو بعد ولادة الطفل.
قد يحدث أن تتعرض الأم للإصابة بالاكتئاب والتوتر المرضي في آن واحد، ما يزيد من حدة الإحساس بالحزن والتوتر.
كيف يمكن تشخيص هذه الحالات المرضية ؟
هناك العديد من الاستبيانات والأسئلة المصممة لاكتشاف درجة القلق والاكتئاب لدى الأمهات بالإجابة على أحدها بيتم تقييم الحالة ومدى الرعاية الطبية المطلوبة.
قد يشمل التقييم الطبي ما يلي:
• الاستفسار عن إحساس الأم، وحالتها النفسية.
• الكشف عن بعض أعراض الاكتئاب السابق ذكرها.
• السؤال عن وجود أي تاريخ مرضي سابق لدى الأم، أو أحد أفراد العائلة، للاكتئاب أو الاضطرابات النفسية.
• السؤال عن وجود أية أحداث، أو تجارب سابقة مثيرة للتوتر.
• فحص جسدي، وربما بعض تحاليل الدم للتأكد من أية أمراض قد تسبب أعراضاً مماثلة.
قد يتضمن تقييم الحالة توجيه بعض الأسئلة للزوج. يتم ذلك بعد موافقة الأم بالطبع. يجب توجيه بعض الأسئلة للمريضة، لاكتشاف مدى الضغوطات التي تتعرض لها كأم. يعتبر هذا جزءاً هاماً من التقييم النفسي. قد يشمل العلاج زيادة الدعم المقدم للأم من العائلة. قد يتواجد بعض الحرج أو الصعوبات في التواصل مع العائلة، ولكن من الهام أن تتم إجابة كافة الأسئلة بشكل صادق مع الطبيب.
كيف يتم علاج هذه الاضطرابات ؟
تختلف الخطط العلاجية، باختلاف حدة الأعراض. يمكن للحالات الطفيفة أن تكتفي بالمتابعة من حين لآخر، أو بتعديل بعض العادات الشخصية ونمط الحياة.
أما في حالة زيادة حدة الأعراض، قد يتم اللجوء إلى أساليب مختلفة من العلاج النفسي، أو وصف بعض الأدوية المضادة للاكتئاب. يجب موازنة مزايا وعيوب هذه الأدوية بالنسبة للأم، إذا تم وصفها أثناء فترة الحمل، أو الرضاعة الطبيعية. يتم مناقشة كافة التفاصيل مع الأم، ولا يتم وصف أي علاج إلا بعد موافقة الأم بالطبع. في بعض الحالات، تكون مخاطر عدم العلاج، أكبر من العلاج نفسه، وتظهر الحاجة إلى هذه الأدوية لتجنب الآثار السلبية للاكتئاب على صحة الأم، والجنين.
ما هي المخاطر المحتملة للعلاج ؟
كما أشرنا، يجب موازنة المزايا والأخطار لكل خطة علاجية مقترحة. عند وضع خطة علاجية، يجب التفكير في الآتي:
• الأدوية المتاحة.
• قدرة الأم على متابعة العلاج.
• حدة الأعراض التي تعاني منها الأم.
في حالة التفكير في العلاج بالأدوية المضادة للاكتئاب، أثناء فترة الحمل أو الرضاعة الطبيعية، يجب التفكير في الآتي:
• الخطورة المحتملة على نمو الجنين وتطوره بداخل الرحم.
• مضاعفات الحمل الوارد حدوثها.
• الرضاعة الطبيعية.
• المضاعفات والآثار طويلة المدى على صحة الجنين.
هناك العديد من الأبحاث والجهود المبذولة للوصول لأفضل علاج للاكتئاب طبقاً للظروف الفردية لكل أم.
ما المخاطر المحتملة لعدم الخضوع للعلاج المناسب للاكتئاب ؟
تشير العديد من الأبحاث إلى الآثار السلبية للاكتئاب على فترة الحمل، حيث تزداد احتمالية الإصابة بالعديد من المضاعفات الصحية أثناء الحمل. كما أن الاكتئاب لمدة طويلة يؤثر على الصحة النفسية للطفل، من السنين الأولى للعمر.
ما احتمالية الإصابة بالاكتئاب مرة أخرى، في مرات الحمل القادمة ؟
الإصابة السابقة تزيد من احتمالية تكرار الأمر في مرات الحمل القادمة. تصل احتمالية تكرار الإصابة إلى حوالي 50%. بالرغم من ذلك، هناك العديد من الطرق العلاجية لتجنب تكرار الأمر.
قد تواجه بعض الأمهات صعوبة في الاعتراف بالإصابة بالإكتئاب، كما يصعب مصارحة الزوج والأقارب بذلك. ولكن هناك إحساس كبير بالراحة عند مصارحة الجميع بما تشعرين به