الحمل وأنيميا خلايا الدم المنجلية
ما هي أنيميا خلايا الدم المنجلية؟
هو اضطراب في تكوين الهيموجلوبين بداخل كرات الدم الحمراء. طبيعياً، يحمل الهيموجلوبين الأكسجين إلى كافة أعضاء وأنسجة الجسم المختلفة. تكسب أنيميا خلايا الدم المنجلية كرات الدم
الحمراء هشاشة غير طبيعية، ما يجعلها أكثر عرضة للتكسير والتحلل، منتجة الشكل الدائري أو الهلالي”المنجلي، ومن هنا جاءت التسمية”.
في حالة الإصابة بخلايا الدم المنجلية، تقل نسبة كرات الدم الحمراء والهيموجلوبين بالجسم مسببة الإصابة بالأنيميا “فقر الدم”. بالإضافة لذلك، قد تتسبب الخلايا المنجلية بانسدادات في الأوعية الدموية بمختلف أعضاء الجسم.
قد تتعرض العظام لهذا الأزمات نتيجة الانسداد، وللأسف تزداد نسبة هذه الحالات أثناء فترة الحمل. قد تتأثر الرئتين، العينين، أو الكليتين كذلك.
كما يمكن لأنيميا خلايا الدم المنجلية أن تسبب ارتفاعاً بضغط الدم، اضطرابات في وظائف الكلى، أو قرح بالقدمين وأضراراً بالمفاصل.
ما السبب وراء الإصابة بأنيميا خلايا الدم المنجلية، وما مدى انتشاره؟
يرجع السبب وراء هذا النوع من الأنيميا إلى وجود عيب وراثي بأحد الجينات المسئولة عن تصنيع الهيموجلوبين. لذلك هي حالة وراثية تنتقل عبر الأجيال المتتالية.
– في حالة وجود نسختين مصابتين من الجين، واحدة من كل من الأبوين، يصاب الفرد بالدرجة الكاملة من مرض أنيميا خلايا الدم المنجلية
. – أما في حالة وجود نسخة واحدة مصابة من الجينات، من أحد الأبوين فقط، يصبح الفرد حاملاً للمرض، ولا يعتبر مصاباً به بشكل كام.
تعتبر أنيميا خلايا الدم المنجلية من أكثر الحالات الوراثية انتشاراً بالعالم، خاصة في العائلات من مناطق الشرق الأوسط، جنوب الصحراء الأفريقية، بعض المناطق من الهند، ودول البحر المتوسط. الانتقال الوراثي هو السبيل الوحيد للإصابة بأنيميا خلايا الدم المنجلية، ولا يمكن للفرد أن يصاب بالمرض في أي مرحلة متقدمة من العمر من خلال عدوى أو خلافه.
هل تتعرض السيدات حاملات المرض، وليس المصابات بالدرجة الكاملة منه، لأية مخاطر أثناء الحمل؟
لا تتأثر حاملات المرض أثناء فترة الحمل. ولكن تظل هناك احتمالية لانتقال الجين المصاب للأجيال القادمة. ويمكن إصابة الأطفال بالمرض في حالة إصابة الأب أو كونه حاملاً للمرض كما سنوضح تالياً.
أنا مصابة بأنيميا خلايا الدم المنجلية، ما الاحتياطات الواجب اتباعها أثناء التخطيط للحمل؟
بداية، يلزم استشارتنا والتأكد من معرفتنا بالحالة الصحية للأم ودرجة إصابتها للمرض، للوصول لأفضل النتائج أثناء التخطيط للحمل. وحتى حلول هذا التوقيت، يلزم الاستشارة بخصوص وسيلة منع الحمل المناسبة.
في حالة إصابة الأم بالمرض، يلزم التأكد من حالة الزوج قبل الحمل. في حالة عدم إصابته بالمرض، وليس حاملاً للمرض كذلك، فلا داعي للقلق. لن يكون الأطفال مصابين بالمرض.
أما في حالة التأكد من أن الزوج حاملاً للمرض، فيلزم استشارتنا والحصول على كافة المعلومات الخاصة بحالة الطفل المحتملة. قد يمثل هذا القرار تحدياً لبعض الأزواج. لذلك، يلزم الحصول على كافة الدعم والنصح من الأطباء المتخصصين.
تتطلب الإصابة بأنيميا خلايا الدم المنجلية زيارتنا مرة سنوياً على الأقل، سواء كانت هناك نية للحمل أم لا.
أثناء هذه المتابعات الدورية قد يقوم الطبيب بالآتي:
– فحصاً شاملاً لعضلة القلب “أشعة إيكوechocardiogram”. –”
– مستوى ضغط الدم، وبعض تحاليل الدم والبول. – بعض الاختبارات للعينين “فحصاً لشبكية العين”، لاكتشاف أي اضطرابات بالتركيب الداخلي للعينين.
هل يلزم تغيير العلاج المعتاد قبل بدء فترة الحمل؟
– يجب إيقاف عقار “هيدروكسي يوريا – hydroxyurea” أثناء التخطيط للحمل.
– كما يفضل البدء بأقراص منع الحمل لمدة ثلاثة أشهر بعد التوقف عنه
– سنراجع معك أية علاجات إضافية طبقاً لحالتك الفردية.
ما العلاجات الإضافية التي قد أحتاج لها؟
– قد تزيد الإصابة بأنيميا خلايا الدم المنجلية من نسبة التعرض لمختلف أنواع العدوى. لذلك قد نصف جرعة بسيطة من المضادات الحيوية “عادة عقار البنسيلين” بشكل يومي.
– يلزم التأكد من تناول ضد فيروس التهاب الكبدي بي، وتطعيم الالتهاب الرئوي. كذلك ينصح بتناول جرعة 5 ملجم من حمض الفوليك بشكل يومي.
ما هي المخاطر التي تسببها أنيميا خلايا الدم المنجلية للأم والجنين أثناء الحمل؟
– عادة لا تعاني المصابات بالمرض من أية مضاعفات صحية، وتُستكمل فترة الحمل بشكل طبيعي دون أية مخاطر على الأم أو الجنين. إلا أن الحمل، مصحوبا ببعض العوامل، كالطقس البارد، الجفاف، والنشاط البدني الزائد عن الحد، قد يتسبب في الإصابة بأزمات الأنيميا السابق ذكرها. يلزم أخذ فترات مناسبة من الراحة عند الإحساس بأي قدر من التعب.
– للأسف، قد تتسبب أنيميا خلايا الدم المنجلية بالإصابة بالعديد من المضاعفات الصحية، مثل الأنيميا المفاجئة، أو قصور بوظائف الرئتين. في حالة التعرض لغثيان الصباح، وما يترتب عليه من جفاف محتمل للأم، يجب التواصل معنا في أقرب فرصة ممكنة.
– تتعرض المصابات بأنيميا خلايا الدم المنجلية للجلطات الدموية بالأوردة بنسبة أكبر مقارنة بغير المصابات. يزيد هذا المرض من نسبة تكون الجلطات، ويلزم استشارتنا لتقييم نسبة الخطورة تبعاً لظروف كل حالة.
– كما يمكن للمرض أن يزيد من نسبة التعرض لتسمم الحمل، وهي حالة مرضية تظهر مع الحمل فقط، تتميز بارتفاع ضغط الدم، وظهور نسبة من البروتينات في البول.
– تؤثر أنيميا خلايا الدم المنجلية على وظيفة المشيمة، ووصول المواد الغذائية والأكسجين للطفل. لذلك يمكن لهذا المرض أن يتسبب في تأخر نمو الجنين عن المعدلات الطبيعية. كما يمكن أن يتسبب المرض في التعرض للولادة المبكرة. وفي كثير من الأحيان، يلزم بدء الولادة، وتحفيزها بشكل طبي قبل الموعد المتوقع للولادة، لتجنب تعريض الطفل لأي من المخاطر المحتملة أثناء الحمل.
– كما تزداد نسبة الاعتماد على الفتح القيصري لإتمام الولادة. سنناقش معك كافة التفاصيل في الوقت المناسب لضمان الوصول لأفضل القرارات الممكنة.
ما الرعاية الطبية الإضافية التي أحتاجها أثناء الحمل؟
يفضل متابعة الحالة من قِبل طبيب التوليد، وطبيب لأمراض الدم ذو خبرة في حالات أنيميا خلايا الدم المنجلية. في حالة عدم إجراء أي من التحاليل المطلوبة للمتابعة في العام السابق للحمل، يجب إجراء كل منها أثناء الحمل. كما أشرنا، يفضل التأكد من حصول الأم على تطعيمي فيروس الالتهاب الكبدي بي، والاتهاب الرئوي.
لا تتعارض هذه التطعيمات مع فترة الحمل.
تتطلب الإصابة بأنيميا خلايا الدم المنجلية زيادة عدد مرات المتابعة أثناء الحمل عن المعدلات الطبيعية. حيث يلزم زيارة الطبيب المعالج مرة على الأقل كل أربعة أسابيع حتى الوصول للأسبوع الرابع والعشرين من الحمل. ثم زيادة عدد مرات الزيادة لمرة كل أسبوعين حتى انتهاء فترة الحمل. بكل زيارة، سيتأكد الطبيب من مستوى ضغط الدم لدى الأم، وعمل بعض التحاليل للبول. كما يتم إجراء بعض الفحوصات الروتينية للتأكد من نمو الطفل بشكل طبيعي. عادة لا يتطلب الأمر إجراء نقلاً للدم. سيتم مناقشة الأمر إذا ظهرت الحاجة إليه.
تزاد نسبة الإصابة بالجلطات الدموية، خاصة بالساقين. يلزم تقييم نسبة الإصابة بالجلطات قبل الحمل، أو فترة مبكرة منه. في حالة وجود أي من العوامل الخطر الأخرى لتكوين الجلطات، كزيادة الوزن أو غيرها، قد نصف لك حقن “الهيبارين” طوال مدة الحمل، وحتى مرور ستة أسابيع بعد الولادة، للحد من مخاطر تكوين الجلطات الدموية.
ما العلاجات التي يمكن وصفها أثناء فترة الحمل؟
كما أشرنا، يجب التوقف عن تناول عقار “هيدروكسي يوريا – hydroxyurea” بمجرد اكتشاف حالة الحمل.
لا يؤثر هذا التوقف المفاجئ على صحة الأم. قد نصف العلاجات الآتية:
– حمض الفوليك – Folic acid. بجرعة 5 ملجم يومياً.
– جرعة يومية من المضادات الحوية.
– جرعة خفيفة من عقار “الأسبرين”، حوالي 75 ملجم يومياً.
يتم البدء بها من المراحل المبكرة للحمل لتفادي الإصابة بتسمم الحمل.
في حالات الألم، يمكن تناول عقار “باراسيتامول” أو “كودايين”. كما الحال في أي حمل، يفضل تجنب عقار “الأيبوبروفين” قبل مرور 12 أسبوعاً من الحمل، أو بعد مرور 28 أسبوعاً منه، قبل استشارتنا لتفادي أي آثار ضارة على صحة الجنين.
في حالة الإصابة بأي أزمات من أنيميا خلايا الدم المنجلية، ما العمل؟
عادة يتضمن العلاج بعض الأدوية المسكنة، أوكسجين، وبعض السوائل من خلال التنقيطي الوريدي في حالة إصابة الأم بالجفاف. قد يتم مراجعة الأعراض بشكل كامل، ووصف بعض المضادات الحيوية. يتطلب الأمر متابعة دورية لصحة الأم، ووصف عقار “الهيبارين” بشكل دوري للحد من الإصابة بأي جلطات دموية.
ما الإجراءات المتبعة أثناء الولادة؟
– يفضل أن تتم الولادة بأحد المستشفيات المجهزة للتعامل مع مضاعفات أنيميا خلايا الدم المنجلية. يجب الحفاظ على درجة حرارة الأم لتفادي أي أزمات من المرض، وقد يتم الاعتماد على الأكسجين لبعض الوقت.
– يجب التأكد من توافر كميات مناسبة من الدم المتوافق مع فصيلة الأم، ومتابعة معدل نبضات قلب الجنين.
– لا يوجد أي مانع للولادة الطبيعية في حالة عدم وجود أية مضاعفات أثناء الحمل أو الولادة.
ما العمل بعد ولادة الجنين؟
– يجب التأكد من حصول الأم على الدفئ الكافي، وقد يتم الاعتماد على الأكسجين لبعض الوقت لتفادي أي أزمات من المرض.
– يفضل تشجيع الأم على الحركة في أقرب فرصة، وارتداء بعض الجوارب الضاغطة، ووصف عقار “الهيبارين” لتفادي تكوين أي جلطات دموية. يستمر العلاج “بالهيبارين” لمدة ستة أسابيع بعد الولادة، خاصة إذا تم الاعتماد على الولادة القيصرية.
– لايوجد ما ينمع بدء الرضاعة الطبيعية، وسيتم توفير كافة الدعم الذي تحتاجه الأم. يجب التأكد من إصابة الطفل بالمرض. عادة ما يتم ذلك في اليوم الخامس بعد الولادة.
ماذا عن وسائل منع الحمل المتاحة بعد الحمل؟
تعتبر أقراص منع الحمل التي تحتوي على “البروجستيرون”، الحقن، الشرائط المثبتة تحت الجلد، أو اللولب الهرموني والواقي الذكري أو الأنثوي، من الوسائل الآمنة والفعالة لمنع الحمل. يمكن اللجوء للولب النحاسي، أو الأقراص المركبة لمنع الحمل في حالة وجود أي مانع للوسائل السابق ذكرها.