الإجهاض المتكرر والمتأخر يعتبر التعرض للإجهاض في شهور الحمل الأخيرة من التجارب شديدة القسوة على الأم. وتكرار الأمر يزيد من صعوبة التعامل معه.
ما المقصود بالإجهاض؟
يشير الإجهاض إلى نزول الجنين قبل الأسبوع الرابع والعشرين من الحمل.يمكن تقسيمه إلى إجهاض مبكر، أي في الشهور الثلاثة الأولى من الحمل، وللأسف يعتبر الإجهاض المبكر من التجارب الشائعة التي تمر بها معظم السيدات، حيث تنتهي حوالي 10 – 20% من حالات الحمل بهذه الطريقة. أما الإجهاض المتأخر، فيحدث بعد الثلاثة أشهر الأولى من الحمل، ولكن قبل الأسبوع الرابع والعشرين منه. يعتبر الإجهاض المتأخر أقل انتشاراً حيث يصل معدل الحدوث إلى 1 – 2% فقط من حالات الحمل.
متى يمكن اعتبار الإجهاض متكرراً؟
في حالة تعرض الأم للإجهاض ثلاثة أو أربعة مرات متتالية، يمكن استخدام مصطلح الإجهاض المتكرر. يتعرض 1% من الأزواج تقريباً إلى الإجهاض المتكرر.
ما السبب وراء الإجهاض المتأخر، والإجهاض المتكرر؟
في بعض الحالات يمكن للطبيب أن يتوصل لسبب معين وراء هذه الإجهاضات. في بعض الحالات الأخرى لا يكون هذا ممكناً، ولا يمكن تحديد السبب بدقة وراء الإجهاض. في حالة إجراء كافة التحاليل المطلوبة من الزوجين، والاطمئنان على كل منها ضمن المعدلات الطبيعية، فغالباً ما يحظى الزوجين بحمل ناجح في النهاية.
هناك بعض العوامل التي تزيد من احتمالية التعرض للإجهاض المتكرر أو المتأخر، أهمها:
• السن: يزيد تقدم سن الأم من فرص التعرض للإجهاض. تصل نسبة الإجهاض لدى السيدات بعد تجاوز سن الأربعين إلى أكثر من 1 من كل مرتين حمل. تزداد هذه الاحتمالية أكثر وأكثر في حالة تقدم عمر الأب كذلك.
• متلازمة الأجسام المضادة للفوسفوليبيد – Antiphospholipid syndrome (APS) : هي متلازمة غير شائعة الحدوث. يقوم فيها جسم الأم بتكوين أجسام مضادة تزيد من احتمالية تجلط الدم. تساهم هذه المتلازمة عند الإصابة بها في التعرض للإجهاض.
• أمراض تجلط الدم – Thrombophilia: مجموعة من الأمراض الوراثية التي تزيد من تجلط الدم. تتعرض المصابة بها إلى الإجهاض خاصة النوع المتأخر منه.
• عوامل وراثية: قد يكون لدى أحد الوالدين بعض الاضطرابات في المادة الوراثية. قد يتم اكتشاف هذا الاضطراب في حوالي 2 – 5% من الأزواج. لا يؤثر هذا الاضطراب عادة على الأب أو الأم، ولكن يمكن أن يتسبب في الإجهاض.
• ضعف عنق الرحم: قد يتسبب ضعف عنق الرحم في الإجهاض خاصة في الفترة من الأسبوع 14- 23 من الحمل. تمثل هذه الحالات تحدياً من الناحية التشخيصية، إذ يصعب الوصول لهذا التشخيص دون وجود إجهاض سابق، تمزق مبكر لأغشية الجنين، أو توسع لعنق الرحم بدون أية آلام مصاحبة.
- اضطرابات في نمو الجنين: قد يتسبب هذا في حدوث إجهاض، ولكن من غير المرجح أن يتكرر الأمر.
• العدوى: يمكن لبعض أنواع العدوى أن تؤثر على صحة الأم بشكل كبير، الأمر الذي يضر بصحة الجنين ويتسبب في الإجهاض. بعض الأنواع الأخرى قادرة على الوصول للجنين والتأثير على نموه بشكل مباشر. لم يتضح لنا بعد دور العدوى في تكرار التعرض للإجهاض.
• مرض السكر، واضطرابات الغدة الدرقية: قد تسبب هذه الأمراض في حدوث إجهاض، ولكن يعصب تكرار الأمر ما دامت الأم في المواظبة على العلاجات الموصوفة لها.
• العوامل المناعية: اقترح بعض الباحثين وجود أنواع معينة من الأجسام المضادة لدى بعض السيدات. تتسبب هذه الأجسام المضادة في استجابة غير طبيعية للجسم ناحية الحمل المتكون بداخله. لا يوجد ما يدعم هذه النظرية بعد ولا يزال الأمر محل بحث ونقاش.
هل هناك أي عوامل أخرى؟
قد يزيد كل من السمنة، التدخين، الإكثار من تناول الكافيين، والإفراط في المشروبات الكحولية من نسبة الإصابة بالإجهاض.
في كل مرة تتعرض بها الأم للإجهاض، تزداد نسبة تكرار الأمر في الحمل القادم بشكل طفيف. في حالة التعرض للإجهاض ثلاثة مرات متتالية، فنسبة تكرار الأمر تصل لحوالي 40%. يعني هذا أنه من كل 10 سيدات في هذا الوضع، 6 فقط سيستكملن فترة الحمل بنجاح.
ما الهدف من التحاليل التي نطلبها؟
يساعد تحديد السبب وراء الإجهاض المتكرر أو المتأخر على معرفة نسبة نجاح الأمر مستقبلاً. وفي حالات معدودة، قد يتوافر بعض الخطط العلاجية لذلك.
ما التحاليل التي قد نطلبها؟
تحاليل الدم:
• تحاليل للكشف عن الإصابة بمتلازمة الأجسام المضادة للفوسفوليبيد – Antiphospholipid syndrome (APS): يمكن التأكد من الإصابة في حالة وجود تحليلين موجبين بفارق 12 أسبوعاً عن بعضهما البعض، قبل حدوث الحمل.
• تحاليل للكشف عن اضطرابات تجلط الدم – Thrombophilia: في حالة التعرض للإجهاض المتأخر يجب عمل هذه التحاليل للكشف عن الإصابة بأية اضطرابات بتجلط الدم.
• تحاليل للمادة الوراثية “chromosomes”: يخضع الزوجان لهذا التحليل، خاصة في حالة التأكد من اضطرابات المادة الوراثية لدى الجنين.
تحاليل للكشف عن اضطرابات نمو الجنين:
قد نطلب التحاليل للتأكد من المادة الوراثية للجنين. لا يكون هذا الاختيار متاحاً في كل الحالات، ولكن يمكن أن يساعد على الوصول للسبب وراء الإجهاض. في حالة الإجهاض المتأخر، قد يتم إجراء بعض التحاليل على الجنين المتوفى. لا يتم هذا إلا بعد مناقشة الأمر مع الوالدين والحصول على الموافقة بالطبع.
اختبارات للكشف عن العيوب الخلقية بشكل الرحم:
سنطلب من الأم الخضوع لأشعة سونار على منطقة الحوض. توفر هذه الأشعة فكرة عن شكل الرحم. في حالة الشك بأية عيوب خلقية، يمكن اللجوء لعمل منظار رحمي، أو منظار بطني.
تحاليل للكشف عن العدوى:
في حالة التعرض للإجهاض المتكرر، يمكن سحب بعض عينات الدم، أو أخذ مسحات مهبلية للكشف عن أي عدوى قد تكون مسئولة عن ذلك في هذا الوقت.
ما هي الخطط العلاجية المتاحة؟
علاج متلازمة الأجسام المضادة للفوسفوليبيد:
في حال التأكد من الإصابة بها، سيصف الطبيب للأم بعض العلاجات، وتشمل: جرعات منخفضة من عقار “الأسبرين”، وحقن “هيبارين” لمنع التجلط وزيادة سيولة الدم. هذه الأدوية لا تتعارض مع فترة الحمل، وتزيد من نسبة استكمال فترة الحمل للنهاية.
تزيد الإصابة بهذه المتلازمة من نسبة التعرض لتسمم الحمل، واضطرابات نمو الجنين، وغيرها من المضاعفات الصحية لدى الأم والجنين أثناء الحمل. يلزم الحصول على كافة الرعاية الطبية والمتابعة المستمرة .
علاج اضطرابات تجلط الدم – Thrombophilia: يجب البدء في العلاج بعقار “هيبارين” بمجرد التأكد من الإصابة بهذه الاضطرابات. ويتم ذلك بالتأكد من وجود نزعة وراثية لتجلط الدم، ووجود إجهاض سابق بين الأسبوع 14 و 24 من الحمل.
أما في حالة التعرض للإجهاض قبل الأسبوع 12، فلا يوجد ما يثبت فاعلية عقار “الهيبارين” .
الاستشارات الخاصة بتحاليل المادة الوراثية:
في حالة التأكد من وجود أية اضطرابات في المادة الوراثية لدى أي من الأبوين، يمكن اللجوء للمتخصصين بمجال الجينات والمواد الوراثية لمناقشة الطرق المحتملة الأفضل للحمل، وفرص النجاح بكل منها.
التدخل الجراحي لإصلاح الرحم:
قد نقترح هذا الحل عند التأكد من وجود أية عيوب خلقية بالرحم يمكن إصلاحها.
العلاج الهرموني:
يمكن أن يساعد تناول عقار “البروجستيرون”، أو ” human chorionic Gonadotrophin” على تجنب الإجهاض المتكرر. لا يوجد ما يدعم هذا الاختيار بشكل كافي بعد.
العلاج المناعي:
يعتمد هذا العلاج على تغيير استجابة الجسم للحمل المتكون بداخله. لا ينصح باللجوء لهذه الأدوية في حالات الإجهاض المتكرر لنقص فاعليتها في هذه الحالات، وما لها من آثار جانبية خطيرة على صحة الأم، كالتهاب الكبد، وتفاعلات الحساسية الشديدة.