استئصال بطانة الرحم
يعتبر النزيف المهبلي من أكثر الأعراض انتشاراً لدى السيدات طبيعياً، يتم تجهيز بطانة الرحم لاستقبال البويضة المخصبة وبدء الحمل كل شهر، فيما يعرف باسم“الدورة الشهرية“.
في حالة عدم تخصيب البويضة، تتساقط بطانة الرحم المتكونة، وتخرج من الجسم مع دم الدورة الشهرية. بعد ذلك تبدأ دورة جديدة تحت تأثير الهرمونات الأنثوية، وتتكون بطانة جديدة للرحم. تستمر هذه الدورة في حياة كل سيدة حتى تتوقف المبايض عن إفراز الهرمونات اللازمة لاستمرار الدورة بشكل منتظم. أي اضطرابات في هذه الدورة، أو في تكوين بطانة الرحم “كالأورام الليفية، أو الزوائد اللحمية”، قد تؤدي إلى إصابة المريضة بنزيف مهبلي لا يمكن توقع توقيته، أو مدى غزارته، أو يسبب آلاماً للمريضة.
النزيف المهبلي في الفترة العمرية ما بين 15-50 عاماً نادراً ما يكون علامة على الإصابة بأي نوع من الأورام السرطانية. تزداد نسبة حدوث هذه الأورام في الفئات العمرية الأكبر، مقارنة بصغيرات السن، أو الحالات التي يحتفظ فيها الجسم بمستويات عالية من هرمون الاستروجين. بالرغم من ذلك، لا يمكن تجاهل هذا النزيف في أي فئة عمرية، ويجب الرجوع للطبيب للوصول للسبب وراء هذه الأعراض. تعتبر الأورام السرطانية التي قد تصيب الرحم من الأمراض التي يمكن الشفاء منها، بشرط الاكتشاف المبكر.
هناك العديد من الفحوصات الطبية التي يمكن أن يطلبها الطبيب، للوصول لسبب النزيف المهبلي، قبل البدء بوضع أية خطة علاجية. في كثير من الأحيان تظهر الحاجة لأخذ عينات من بطانة الرحم، أو إجراء عملية كحت للرحم. يتم تحليل هذه العينات، والبحث عن أية اضطرابات في نمو الخلايا قد تسبب تكون أوراماً سرطانية بعد ذلك. أشعة السونار، أو أشعة “اكس راي” قد تساعد على توضيح المحيط الخارجي للرحم. وقد يلجأ الطبيب إلى المنظار الرحمي لإلقاء نظرة شاملة على التجويف الرحمي، وجدران الرحم من الداخل.
أثناء مرحلة تشخيص النزيف المهبلي، ومحاولة الوصول للسبب، سيقوم الطبيب باستثناء الأسباب المتعلقة بتكوين بطانة الرحم، أو شكل التجويف الداخلي للرحم. بعد ذلك تبدأ مرحلة العلاج الأولية عن طريق الأدوية الهرمونية. غالباً ما تكون هذه الأدوية عبارة عن “هرمون الاستروجين” أو/بالإضافة إلى “هرمون البروجستيرون”. يشمل العلاج أيضاً بعض الأدوية المضادة للالتهابات، وأحياناً قد يصف الطبيب أدوية الكورتيزون، وبعض الأدوية التي قد تقوم بإيقاف الدورة الشهرية لدى المريضة. هذه الخطة العلاجية غالباً ما تكون مصحوبة بنتائج جيدة لدى معظم الحالات، ولكن في حالة فشل هذه الادوية، يكون التدخل الجراحي هو الخطوة التالية.
هناك العديد من التدخلات الجراحية المتاحة لعلاج النزيف المهبلي الغزير. يشمل ذلك كحت بطانة الرحم، استئصال بطانة الرحم، أو استئصال الرحم ككل. يمكن الاعتماد على عملية الكحت لعلاج بعض حالات النزيف الشديد المفاجئ، والإصابة بفقر الدم “الأنيميا” الناتجة عنه. ولكن لا تقدم هذه العملية أي تحسن في الحالة على المدى الزمني البعيد. توفر عمليات استئصال الرحم حلاً كاملاً بالطبع، ولكنها تعتبر تدخلاً جراحياً كبيراً، وبالطبع تقضي على القدرة الإنجابية للمرأة، في حالة عدم الوصول لسن اليأس بعد.
لذلك، في حالة وجود رغبة في المحافظة على الرحم، أو تجنب التداخلات الجراحية الكبيرة، ولكن لم يعد هناك أي تخطيط للحمل في المستقبل، فإن استئصال بطانة الرحم هو الحل الأمثل.
عملية استئصال بطانة الرحم هي البديل المثالي لاستئصال الرحم ككل، في حالات النزيف المهبلي الشديد، بعد فشل العلاج الدوائي. تتعافى معظم السيدات سريعاً. قد تشعر المريضة ببعض الآلام، ولكن يمكن العودة للأنشطة اليومية المعتادة في اليوم التالي. يجب التنبيه على أنه في حالة وجود رغبة لدى المريضة في الحمل مستقبلاً، أو الإصابة بدرجة عالية من الآلام مع الدورة الشهرية، فإن استئصال بطانة الرحم لا يعتبر هو الحل الأفضل لهذه الحالات، ويجب التفكير في خطط علاجية بديلة.
عادة ما تحقق العملية الهدف المطلوب منها. على الرغم من ذلك، لا يختفي النزيف المهبلي بشكل نهائي إلا في عدد قليل من الحالات. يعتمد نجاح العملية على طريقة الاستئصال، وجود أية اضطرابات بالمحيط الخارجي للرحم، والهدف من العلاج بالأساس.
-التحضير للإجراء:
– كما الحال في أي تدخل جراحي، في حالة الاعتماد على التخدير الكلي، يجب أن تتجنب المريضة تناول أية طعام أو شراب لمدة حوالي 8 ساعات قبل العملية.
– في حالة تناول المريضة لأي أدوية بشكل منتظم، يجب التأكد من الاخبار بها، ليتم تحديد كيفية تناول الدواء في هذه الفترة.
-كذلك يجب على المريضة إخبارنا في حالة تناول أية أدوية تزيد من سيولة الدم، وأشهرها أسبرين، ماريفان، أو أية أدوية مسكنة أو مضادة للالتهابات.
-على المريضة إبلاغنا بأية تغييرات حدثت في الأدوية التي تتناولها منذ آخر زيارة لها .
– الإجراء:
-عادة ما تستغرق العملية مدة نصف الساعة، إلى الساعة. بيتم الإجراء في وضع مشابه للكشف المهبلي. تستلقي المريضة على الظهر، مع تثبيت القدمين للأعلى والخارج.
– ثم يتم فحصاً داخلياً للتأكد من موضع فتحة عنق الرحم، و شكل الرحم وحجمه. بعد ذلك، سيتم تثبيت منظار كشف بالمهبل، للوصول لعنق الرحم. سيتم مسح منطقة المهبل وعنق الرحم بمحاليل مضادة للبكتيريا.
– في حالة الاعتماد على التخدير الموضعي، سيتم حقن الأدوية المسكنة في هذا الوقت. سيتم تثبيت عنق الرحم باستخدام ماسك جراحي، مع البدء في توسيع عنق الرحم باستخدام موسعات جراحية معقمة، حتى يتم إدخال أداة الاستئصال أو المنظار إلى التجويف الرحمي دون مقاومة.
– يمكن تشبيه الرحم بالبالون. فهو مسطح دون أية تجويف إذا كان فارغاً. لذا يلزم حقن بعض السوائل أو الغاز بداخل الرحم لضمان الوصول لداخل التجويف الرحمي، والتمكن من رؤية كافة الأسطح الداخلية للرحم.
– يمكن إدخال بعض الأدوات الجراحية مع المنظار الرحمي، لتصحيح أية اضطرابات في شكل أو تكوين الرحم من الداخل.
– في حالة الاعتماد على المنظار الرحمي لإتمام عملية الاستئصال، فإن بطانة الرحم يتم إزالتها عن طريق بعض الأدوات الجراحية الصغيرة المخصصة لذلك، أو يتم تدميرها باستخدام الطاقة الكهربية. يمكن كذلك إزالة أي أورام ليفية، أو زوائد لحمية قد يتم اكتشافها أثناء العملية.
– بالإضافة إلى إزالة البطانة بالأدوات الجراحية المخصصة لذلك، هناك العديد من الوسائل التقنية لاستئصال بطانة الرحم. مثل الاعتماد على الطاقة الحراية، التجميد، أو الطاقة الكهربية. تحديد الوسيلة المستخدمة يتوقف على الظروف الصحية للمريضة، والتقنية المتاحة.
– ما بعد الإجراء:
-عادة ما يكون التعافي من عمليات استئصال بطانة الرحم سريعاً، وتستطيع معظم السيدات أن تغادر المستشفى في اليوم ذاته، بعد ساعة أو ساعتين من الإجراء. بالرغم من احتمالية وجود بعض الآلام أو التقلصات البسيطة، لا يوجد ما يستدعي أخذ أجازة من العمل، أو تجنب الأنشطة اليومية العادية لمدة تزيد عن يوم العملية نفسه.
– من الطبيعي أيضاً أن تعاني المريضة من بعض النزيف، أو الإفرازات المهبلية بعد العملية. من المفضل استخدام الفوط المعقمة لفترة من الوقت. كما يجب تجنب التواصل الجنسي حتى يسمح بذلك.
– الأدوية المسكنة البسيطة مثل بروفين هي كل ما يتطلبه الأمر للتغلب على الآلام أو التقلصات بعد العملية. سيتم وصف أيضاً بعض المضادات الحيوية، ويجب الاستمرار على كورس العلاج كاملاً.
– في حالة ظهور أية أعراض جانبية للعلاج، يجب التواصل معنا مباشرة.
– النتائج المتوقعة للإجراء:
– تعتبر هذه العملية بديلاً عن استئصال الرحم ككل، في حالات النزيف المهبلي الشديد.
– تشعر معظم السيدات بالرضا عن نتائج العملية، بالرغم من أن توقف النزيف بشكل نهائي لا يحدث إلا لبعض الحالات فقط.
– يعتمد نجاح العملية على طريقة الاستئصال، وجود أية اضطرابات بالمحيط الخارجي للرحم، والهدف من العلاج بالأساس.
– بعد الانتهاء من عملية استئصال الرحم:
– تشعر 90% من السيدات بالرضا عن نتائج العملية.
– يزول النزيف المهبلي بشكل نهائي في نسبة 2.5% إلى 60% من الحالات.
– في 40% من الحالات، تقل حدة النزيف المهبلي.
– واحدة من كل 4 سيدات، ستضطر إلى الخضوع لاستئصال للرحم، في ظرف أربع سنوات من العلاج.
– المضاعفات والمتاعب الصحية المحتملة:
يجب التنبيه على أن كافة التدخلات الطبية، بغض النظر عن مدى التعقيد، أو المدة الزمنية التي يتطلبها الإجراء، يمكن أن تكون مصحوبة بمضاعفات غير متوقع حدوثها. قد تكون هذه المضاعفات فورية، أو متأخرة الظهور. فيما يلي بعض من هذه المضاعفات.
– مضاعفات عامة:
– قد تعاني المريضة من النزيف، ما يتطلب العودة مرة أخرى لغرفة العمليات. تزداد احتمالية الإصابة بالنزيف في حالة تناول المريضة لأدوية السيولة قبل العملية، مثل أسبرين، ماريفان، بلافكس.
– قد تتأثر مناطق من الرئة بالتدخل الجراحي. الأمر الذي يزيد من احتمالية الإصابة بالعدوى بالجهاز التنفسي. يتطلب العلاج تناول المضادات الحيوية، وبعض العلاج الطبيعي.
– في حالة الإصابة بدرجة من درجات السمنة، تزداد احتمالية الإصابة بالعدوى في موضع الجرح، أو بالجهاز التنفسي. كما تزداد احتمالية الإصابة بالمضاعفات والمتاعب الصحية بالقلب، والرئتين، ومشاكل الجلطات الدموية.
– الأزمات القلبية، أو السكتات الدماغية، نتيجة الضغط الزائد على القلب.
– تكون جلطات دموية بأوردة الساقين، ما يسبب الألم والتورم بالمنطقة المصابة. -في حالات نادرة، قد تتفتت الجلطة، وتسبب انسداداً في مناطق أخرى كالرئتين.
– للأسف، تعتبر الوفاة أحد المضاعفات التي يمكن أن تنتج عن هذه العملية.
– مضاعفات خاصة باستئصال بطانة الرحم:
– قد لا نتمكن من إتمام العملية بسبب ضيق عنق الرحم، أو بعض الاضطرابات بشكل وتكوين الرحم. قد يتطلب هذا المزيد من التدخلات الجراحية، أو إلغاء العملية تماماً.
– قد تحدث إصابة لجدار الرحم، أو ثقب به، أثناء استخدام الكي الحراري. يمكن أن يتسبب هذا في إصابة المريضة بالنزيف، وقد يتطلب الأمر المزيد من العمليات الجراحية للإصلاح. قد لا يتم التعرف على هذه الإصابات وقت إجراء العملية.
– إصابة بعض الأعضاء الأخرى كالمثانة والأمعاء أثناء الكي الحراري. يتطلب هذا تدخلاً جراحياً للإصلاح، وتزداد مدة البقاء بالمستشفى.
– قد ينتج عن العملية بعض الالتصاقات، وقد يصل الأمر لعمل فتحة خارجية بالجلد لعملية الإخراج. قد لا يتم التعرف على هذه الإصابات وقت إجراء العملية.
– قد تصل بعض العدوى إلى الرحم، أو قناتي فالوب، أو حتى التجويف البطني. يتطلب الأمر العلاج بالمضادات الحيوية.
– النزيف الشديد من الرحم، أو أحد الأوعية الدموية. قد نلجأ إلى وضع قسطرة بداخل الرحم لعدة ساعات. توفر هذه القسطرة بعد نفخها درجة من الضغط على الأوعية الدموية المسببة للنزيف.
قد تظهر الحاجة إلى نقل الدم، أو استئصال الرحم في حالة عدم السيطرة على النزيف.
-في حالات شديدة الندرة، يمكن للسوائل المستخدمة في تمديد عضلات الرحم، حتى نصل للتجويف الرحمي، أن يتم امتصاصها بداخل الجسم. قد تسبب إصابة المريضة بالغيبوبة أو الوفاة.
– قد تفشل العملية في الوصول للهدف المطلوب منها. إما على المدى الزمني القصير أو البعيد.
– يمكن أن تعاني المريضة من بعض الآلام، أو النزيف. قد تستمر هذه الأعراض لفترات زمنية طويلة.
– في حالة التدخين، أو زيادة الوزن، هناك زيادة في احتمالية الإصابة بالعدوى في موضع الجرح، أو بالجهاز التنفسي. تزداد أيضاً احتمالية الإصابة بالمضاعفات في القلب، والرئتين، أو تكون جلطات دموية.